كيف تعمل سلسلة التوريد العكسية ومتى يتم الاستفادة منها؟

سلاسل التوريد العكسية Reverse Supply Chains!
كيفية عملها ومزاياها ودورها في الإستدامة

سلاسل التوريد العكسية Reverse Supply Chains! كيفية عملها ومزاياها ودورها في الإستدامة

تعتبر سلسلة التوريد العكسية (بالانجليزية Reverse Supply Chain) أحد المفاهيم المتقدمة في مجال اللوجستيك وإدارة سلاسل الإمداد، وهي تختلف عن سلسلة التوريد التقليدية في جزء مهم من العملية التوزيعية ككل حيث تركز هذه الأخيرة على تحريك المنتجات من الموردين إلى المستهلكين، في حين ، تُدار حركة المنتجات التي تُعاد من المستهلكين أو نقاط البيع (في سلسلة التوريد العكسية) إلى المصنع أو المورد بهدف إصلاحها أو إعادة تدويرها أو حتى إعادة بيعها، هذا النوع من السلاسل يلعب دورًا محوريًا في تحسين الكفاءة الاقتصادية وتقليل الآثار البيئية السلبية، فضلاً عن توفير فرص اقتصادية جديدة للشركات، في هذا المقال، سنتناول كيف تعمل سلسلة التوريد العكسية، وما هي الفوائد والمزايا التي تحققها.

مفهوم سلسلة التوريد العكسية

سلسلة التوريد العكسية هي عملية تتضمن إدارة وتحريك المنتجات أو المواد من المستهلكين أو المستخدمين النهائيين إلى الموردين أو الشركات المصنعة، في هذه السلسلة، تتغير حركة المنتجات بحيث يكون الهدف من نقلها هو معالجتها أو إعادة إستخدامها بدلاً من تسويقها وبيعها للمستهلكين كما هو الحال مع السلاسل التقليدية، وتشمل العمليات في سلسلة التوريد العكسية عودة المنتجات لأسباب مختلفة حيث يمكنها أن تكون:

- منتجات معيبة أو غير مرغوب فيها.
- منتجات وصلت إلى نهاية عمرها الافتراضي وتحتاج إلى إعادة تدوير.
- الاستبدال أو استرجاع المنتجات بسبب مشاكل في الجودة أو العيوب.
- المنتجات التي يتم إصلاحها أو تجديدها لإعادة إدخالها في السوق، وغير ذلك.

كما تشمل هذه العمليات أيضًا ممارسات لا ترتبط بأخطاء في التصنيع أو الجودة المنخفضة أو ما إلى ذلك وإنما بهدف القيام بممارسات من قبيل إعادة تدوير المواد أو استرجاع البطاريات والإلكترونيات أو ما شابه، خاصة وأن الشركات اليوم تركز على إعادة المواد الخام أو المكونات القابلة لإعادة الاستخدام بهدف خفض الإنتاج وتحقيق الإستدامة.

كيف تعمل سلسلة التوريد العكسية؟

تعمل سلسلة التوريد العكسية عبر مجموعة من الخطوات والمهام التي تنطلق أساسا من إرجاع المنتج كخطوة أولى ومن ثم الإنتقال الى مراحل اخرى من معالجته والتعامل معه، وتتم تلك المراحل عموما على النحو التالي:

1-إرجاع المنتجات

تبدأ سلسلة التوريد العكسية بإرجاع المنتجات من المستهلكين أو نقاط البيع (قبل وصولها إلى المستهلك النهائي) والتي يمكن أن تكون قديمة أو عاطلة أو غير مرغوب فيها من قبل المستهلكين، بعض الشركات توفر سياسات إرجاع لتشجيع العملاء على إعادة المنتجات، بينما قد تُعتمد سياسات أخرى لإسترجاع المنتجات بعد فترة زمنية معينة.

2-فحص وتقييم المنتجات

بعد استلام المنتجات المسترجَعَة، يتم فحصها لتقييم حالتها، وهنا يمكن إتخاذ عدة قرارات بناءً على حالة المنتج والتي يمكننا تلخيصها فيما يلي:
• المنتجات القابلة للإصلاح: قد تتم إعادة إصلاحها وإعادة إدخالها في السوق.
• المنتجات القابلة لإعادة التدوير: يتم تفكيكها لاستخراج المواد القابلة لإعادة الاستخدام.
• المنتجات المعيبة أو غير القابلة للإصلاح: قد يتم التخلص منها بطرق بيئية مناسبة أو التخلص منها.

3- إعادة التصنيع أو الإصلاح

في حال كان المنتج قابلًا للإصلاح أو إعادة التصنيع، تتم هذه العمليات بهدف تحسين المنتج ليعود إلى حالته الأصلية أو يفي بمعايير جودة جديدة، يمكن أن يشمل هذا إعادة تركيب الأجزاء التالفة أو استبدال مكونات معينة أو غير ذلك.

4-إعادة البيع أو إعادة التوزيع

بعد عملية الإصلاح أو التدوير، يتم إدخال المنتج مرة أخرى في السوق أو توزيعه للمتاجر، مما يزيد من فاعلية الدورة الإقتصادية ومن تقليل الخسائر، لكنه وفي بعض الحالات، قد تتم إعادة بيع المنتجات المعاد تجديدها بأسعار مخفضة نظرا لإنخفاض قيمتها عن تلك التي تم بيعها أولا مع موافقتها لمعايير الجودة.

5-التخلص البيئي

وهذا يتم في حال كانت المنتجات "العائدة" (المسترجَعَة) تالفة بحيث لا يمكن إصلاحها أو استخدامها مرة أخرى، وهنا يتم التخلص منها بطريقة بيئية آمنة، مثل إعادة تدوير المكونات الإلكترونية أو المواد القابلة للتحلل.

متى يتم الاستفادة من سلسلة التوريد العكسية؟

هناك العديد من المواقف التي يمكن أن تستفيد فيها الشركات بشكل كبير من استخدام سلسلة التوريد العكسية، وفيما يلي أبرز هذه الحالات التي تشمل:

• في حالات المنتجات المعيبة أو غير المرغوب فيها مثلا فعندما يتم استرجاع المنتجات بسبب العيوب أو عدم الرغبة، فإن سلسلة التوريد العكسية تتيح للشركات معالجة هذه المنتجات بشكل مستدام. من خلال إصلاح المنتجات أو إعادة تدوير مكوناتها، يمكن تجنب الهدر وتقليل الفاقد.
الاستدامة البيئية: مع تزايد الضغوط البيئية والاجتماعية، تعتمد العديد من الشركات على سلاسل التوريد العكسية لتحقيق أهداف الاستدامة. من خلال إعادة تدوير المواد الخام أو استعادة الأجزاء القيمة من المنتجات القديمة، يمكن تقليل الحاجة إلى المواد الخام الجديدة، مما يؤدي إلى تقليل التأثير البيئي.

إعادة التصنيع والتجديد: تعتبر المنتجات التي يمكن إصلاحها أو تجديدها فرصة كبيرة للاستفادة من سلسلة التوريد العكسية. المنتجات التي تحتوي على مكونات ثمينة مثل المعادن أو المكونات الإلكترونية يمكن أن تُعاد إلى دورة حياة جديدة عبر عمليات إعادة التصنيع.
تقليل التكاليف المرتبطة بالتخلص من النفايات: في بعض الصناعات، يتم إرجاع المنتجات غير القابلة للاستخدام أو التالفة بكميات كبيرة. يمكن للشركات التي تعتمد على سلاسل التوريد العكسية أن تخفض تكاليف التخلص من النفايات، بما في ذلك تكاليف دفنها في المكبات أو حرقها، من خلال توفير حلول بديلة أكثر استدامة.

تحسين رضا العملاء وتعزيز الثقة: سياسة إرجاع مرنة ومتكاملة تحسن من رضا العملاء وتعزز من ولائهم للعلامة التجارية. عندما يعلم العملاء أن المنتجات التي يشتريها يمكن إرجاعها أو استبدالها بسهولة في حال حدوث مشكلة، فإنهم يشعرون بالاطمئنان، مما يحسن من سمعة الشركة.
زيادة العوائد المالية: من خلال إعادة استخدام المواد والأجزاء من المنتجات المعادة، يمكن للشركات تقليل تكاليف الإنتاج والشراء. كما أن بيع المنتجات المُجددة يمكن أن يوفر عوائد إضافية، مما يعزز من استدامة الأعمال.

التحديات التي تواجه سلسلة التوريد العكسية
رغم فوائد سلسلة التوريد العكسية، فإنها تواجه أيضًا عددًا من التحديات التي يجب معالجتها لتحقيق أقصى استفادة من هذه العمليات:

التكلفة المرتفعة: تكلفة إدارة العمليات العكسية قد تكون مرتفعة، حيث تتطلب فحصًا دقيقًا للمنتجات، فضلاً عن التكاليف المرتبطة بإصلاحها أو إعادة تدويرها.
تعقيد الإدارة اللوجستية: تتطلب العمليات العكسية التنسيق بين عدة أطراف مثل الموردين، تجار التجزئة، والمستهلكين، مما يزيد من تعقيد العمليات اللوجستية.
تأثيرات على الجودة: بعض المنتجات التي يتم إرجاعها قد لا تكون قابلة للإصلاح بشكل كامل أو قد تكون لها جودة منخفضة بعد إعادة المعالجة.

وبشكل عام، فإن سلسلة التوريد العكسية Reverse Supply Chain هي عملية حيوية تعزّز من الإستدامة وتوفر فرصًا إقتصادية جديدة للشركات حيث يمكن، من خلال الإدارة الفعّالة للمنتجات المعادة، تقليل التكاليف وتحقيق ربحية مستدامة مما يساهم في بناء سمعة بيئية قوية للشركة، خاصة مع التغلب على التحديات المرتبطة بها واستخدام التكنولوجيا لتحسين الكفاءة، يمكن للشركات اليوم الاستفادة بشكل كامل من سلاسل التوريد العكسية لتلبية احتياجات السوق المتغيرة وتعزيز نموذج أعمالهم المستدام.



أحدث أقدم