إن الشركات الناشئة وحتى العملاقة والعريقة أصبحت مقتنعة بأن بوابة الأنتقال والتحول الرقمي تمر حتما عبر تقنية الذكاء الإصطناعي، وهو أمر جعل من غير المختلف فيه أن الذكاء الإصطناعي (AI) هو تقنية تحويلية من بين أكثر التقنيات المتاحة للتحول في عصرنا الحديث.
ورغم أن الإستخدام الكبير لتقنية الذكاء الإصطناعي (AI) يكون متواترا بصفة أكبر لدى الشركات العملاقة والتي تأثر في ملايين المستخدمين والمستهلكين حول العالم من قبيل شركة قوقل Google وشركة أمازون Amazon ويوتيوب YouTube وفيسبوك Facebook وغيرها إلا أن الواقع يقود شيئا فشيئا إلى إعتبار إستخدام الذكاء الإصطناعي (AI) للشركات بما فيها الشركات الصغيرة والشركات الناشئة أمرا ضروريا ولازما.
في هذه المقالة سنتحدث عن أهمية أو بالأحرى ضرورة وضع إستراتيجية متكاملة لإستخدام الذكاء الإصطناعي (AI) في الشركات في 2019 (العصر الحديث و في المستقبل) وأسباب ذلك، متابعة طيبة.
ماهي أهمية إستخدام الذكاء الإصطناعي للشركات؟
تكمن الأهمية الكبرى وراء إستخدام الذكاء الإصطناعي (Artificial Intelligence) بالنسبة للشركات بما فيها تلك الشركات الناشئة هو في مواكبة التطور، إن الذكاء الإصطناعي هو الذي يقود عملية التحول الرقمي للعالم، فالتكنولوجيات الحديثة والتقنيات المحيطة بنا على إختلافها من وسائل إتصال وهواتف ذكية ومواقع إلكترونية ومتاجر إلكترونية ووسائل نقل حديثة وغيرها الكثير تصبح شيئا مختلفا مع إستخدام الذكاء الإصطناعي ما يعني أن حياتنا عبره تتغير بإستمرار وبعمق.
لذلك إن أرادت الشركات أن تستدرك الوقت وتواكب هذا التغير الرقمي فعليها إستخدام الذكاء الإصطناعي مهما كان نشاطها أو مجالها، لأنه وببساطة فإن كل المجالات سيدركها سيل التحول الرقمي والتوجه نحو إستخدام الذكاء الإصطناعي لا محالة.
ومثل أي تحول في العمل، إذا كنت ترغب (كشركة) في الحصول على أقصى إستفادة من الذكاء الاصطناعي، فكل شيء يبدأ بالإستراتيجية، ستساعدك إستراتيجية الذكاء الإصطناعي الخاصة بك على التركيز على أهداف عملك الأساسية وتحديد أولويات الطرق التي يمكن أن يدعمها الذكاء الإصطناعي (AI) في تحقيق أهداف ذلك العمل.
وبشكل عام، هناك طريقتان يساهم من خلالها الذكاء الإصطناعي في دعم الشركات للدفع نحو النجاح، خلق منتجات وخدمات ذكية، وتصميم العمليات التجارية الذكية.
• المنتجات والخدمات الذكية
يدور الذكاء الإصطناعي حول جعل الآلات أكثر ذكاءً بهدف الوصول إلى جعلها قادرة على التفكير والتصرف مثل البشر (أو حتى أفضل).
نحتاج فقط إلى إلقاء نظرة على شعبية الأجهزة مثل الهواتف الذكية وأجهزة تتبع اللياقة البدنية الذكية (الأجهزة القابلة للإرتداء) وأجهزة التحكم في درجة الحرارة الذكية وغيرها لنرى كيف يتبنى المستهلكون بكل تعلق المنتجات والخدمات التي يمكن أن تجعل حياتهم أسهل وأكثر ذكاءً وأكثر تنظيماً وأكثر إتصالاً.
لذلك لا عجب أن تبحث الشركات بشكل متزايد عن طرق لجعل منتجاتها وخدماتها أكثر ذكاءً من خلال إستخدام تقنيات الذكاء الإصطناعي، إذ تعد خوارزميات البحث من Google مثالًا واضحًا لأداة إلكترونية يحركها الذكاء الإصطناعي (AI) إلى جانب أمثلة أخرى كأمازون Amazon وأليكسا Alexa وغيرها كما تعتمد منصات وسائل التواصل الإجتماعي أيضًا وبشكل كبير على الذكاء الإصطناعي في تقديم خدماتها.
من بين الأمثلة الأخرى على أهمية إستخدام الذكاء الإصطناعي من قبل الشركات الناشئة أيضا مثال لشركة ناشئة تعتبر من بين الأكثر نموا وهي شركة ByteDance الصينية الناشئة والتي تستخدم إستراتيجية متكاملة للذكاء الإصطناعي في منتجها Toutiao (تأسست في 2012) وهي منصة للأخبار والمحتوى والوسائط الإجتماعية إضافة إلى كونه محرك بحث حيث تختلف Toutiao عن فيسبوك Facebook ومنصات الوسائط الإجتماعية الأخرى في طريقة عرض المحتوى للمستخدمين كونها لا تنشئ محتوى موجز الأخبار لمستخدميها إستنادًا إلى من يتابعونهم، ولكن تستخدم منصة Toutiao برنامج ذكاء إصطناعي لعرض دفق مستمر للمحتوى يعتمد على ما تعتقد المنصة أن المستخدم يريده بمعنى آخر، يتعرف عليك كمستخدم ويوصي بالمحتوى بناءً على ما يعتقد أنه يعجبك أو لا يعجبك، وهنا مكمن التحول الرقمي في تكنولوجيات الإتصال!.
إن المنتجات والخدمات الذكية لا تقتصر على الإبتكارات والتقنيات الجديدة فقط، إذ يتم إستخدام الذكاء الإصطناعي أيضًا لإنتاج إصدارات أكثر ذكاءً من المنتجات التقليدية كالسيارات والأدوات الإلكترونية المنزلية وغيرها.
• العمليات التجارية الذكية
يتم إستخدام الذكاء الإصطناعي (AI) لمساعدة الشركات في جميع القطاعات على تحسين وأتمتة العمليات التجارية، وبالتالي قد يكون ذلك بسيطًا مثل التوصية تلقائيًا بالمنتج (ب) لكل عميل قام بشراء المنتج (أ) مثلا، بناءً على تفضيلات العملاء الآخرين أو يمكن أن يكون إستخدامه معقدًا مثل أتمتة خط الإنتاج بالكامل.
لكنه وبالنسبة لمعظم الشركات تكمن فرص الإستثمار الناجحة عبر الذكاء الإصطناعي ما بين الإستخدام البسيط والإستخدام المعقد، على سبيل المثال، تستخدم وكالة المرجع الإئتماني "إكسبيرين" (Experian) الذكاء الإصطناعي لمسح البيانات وإتخاذ قرارات أسرع وأكثر ذكاءً بشأن الدرجات الإئتمانية وما إلى ذلك، كما تقوم "أمريكان إكسبريس" (American Express) بعمل شيء مشابه بإستخدام الذكاء الإصطناعي للكشف عن المعاملات الإحتيالية في الوقت الفعلي ما يساعدها على التدخل وإصلاح الإختراق الحاصل بشكل أسرع وأنجع.
كما يمكن أيضا إستخدام الذكاء الإصطناعي (AI) من أجل التنبؤ بالأعطال وفترات التوقف عن العمل الناتجة عن عطب في الآلات أو توقف عملها وذلك من خلال مراقبة أجهزة الإستشعار ومتابعة سير المركبات وعملها وأطوار صيانتها وغير ذلك مما يتيح للشركات معرفة الأجهزة والآلات التي يرتفع نسبة توقفها عن العمل ليتم إستبدالها وتجنب فترات التوقف عن العمل، يتم ذلك عبر برامج الذكاء الإصطناعي (Artificial Intelligence).
ليس ذلك وحسب، بل إن أغلب الشركات المالية منها والخدمية بشكل عام أصبحت تستخدم برامج الذكاء الإصطناع لجعل الآلات تتواصل مع العملاء وذلك بفضل معالجة اللغات الطبيعية وتوليدها، فبرامج إرسال الرسائل والدردشة مع العملاء عبر الذكاء الإصطناعي أصبح مستخدما وبكثرة عند الشركات بل أصبح من الممكن أيضا إستخدام الذكاء الإصطناعي لتوليد محتوى أكثر تخصصا حيث تستخدم بعض الشركات وخاصة الإخبارية والإعلامية منها الذكاء الإصطناعي لأتمتة الأخبار وجعل الروبوتات تكتب آلاف التقارير والمقالات الإخبارية شهريا.
التعرف على الإستخدام الصحيح للذكاء الإصطناعي بالنسبة للشركات
يعتمد الإستخدام المناسب للذكاء الإصطناعي لكل شركة على ما تحاول عبر نشاطها و عملها تحقيقه، لذلك يجب أن تكون إستراتيجية الذكاء الإصطناعي متكاملة و مدفوعة بإستراتيجية عمل الشركة الشاملة لذلك و قبل الشروع في وضع الشركات لإستراتيجية الذكاء الإصطناعي خاصتها من الضروري أن تقوم بمراجعة إستراتيجية عملها أولاً.
بعد ذلك، عندما يكون الأمر واضحًا بشأن الأهداف التنظيمية للشركة يمكنك البدء في البحث عن الطرق التي يمكن أن تساعدها بها برامج الذكاء الإصطناعي (AI) في تحقيق تلك الأهداف.