هل يمكن للذكاء الإصطناعي أن ينافس البشر؟


رغم التطور التكنولوجي الذي وصل اليه البشر والقدرات الخارقة للتعلم الآلي والذكاء الإصطناعي، يبقى السؤال المطروح هل يمكن للذكاء الإصطناعي أن ينافس البشر؟

هل يمكن للذكاء الإصطناعي أن ينافس البشر ؟

إن الذكاء الإصطناعي بما هو ذلك المجال الذي يتجاوز فيه مفهوم البرنامج (Software) كونه برنامج كمبيوتر عادي يعالج مدخلات معينة ومن ثم يقدم مخرجات جاهزة بناءً على إرشادات دقيقة مشفرة مسبقا تمثل "شيفرة المصدر" بالنسبة للبرنامج، ليصبح مجالا تتعلم فيه الآلة وتتصرف بأكثر مما طلب منها، وهنا تظهر خاصية التحكم الذاتي أو خاصية إتخاذ القرار من قبل الآلات وبرامج الكمبيوتر ما يعني تشابهها مع البشر ومنافستهم لها.

لكنه في المقابل، يبقى مصدر البرامج وصانعها هم البشر أنفسهم ما يعني أن فرضية تغلب الآلات والروبوتات وبرامج الذكاء الإصطناعي عموما على قدرات البشر تبقى فرضية ضعيفة في نظر كثير من المختصين والمستقبليين، رغم وصول الذكاء الإصطناعي في كثير من التجارب والحالات إلى محاكاة دقيقة جدا للقدرة البشرية وهو بذلك يقدم نتائج لم يسبق للبشر الحصول عليها.

كيف يمكن تصور مستقبل الذكاء الإصطناعي؟

من الواضح أن مجال الذكاء الإصطناعي بما يشمله من بنية تحتية لازمة لتنفيذ برامج الذكاء الإصطناعي وقدرات التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الإتصال تنمو بمعدل أسرع من المتوقع.

وعلى هذا الأساس فسيصبح الذكاء الإصطناعي قريبا جزءًا لا يتجزئ من حياتنا اليومية وأساسا من أسس أعمالنا ونشاطاتنا وكل ما نقوم به، وبذلك سيستولي في نهاية المطاف على معظم الأنشطة التي يقوم بها البشر اليوم.

إن الذكاء الإصطناعي لا يعدو كونه سلاحا ذو حدين، فكما أنه ذو منفعة ويُمكن إستخدامه لخدمة البشر وتقديم المعونة لهم في أنشطتهم وأعمالهم المتطورة، فإنه يمكن إستخدامه أيضا لأغراض تدميرية.

وكما يرى المستقبليون والمختصون بمجال مستقبل الذكاء الإصطناعي فإنه من الواجب على البشر تنظيم هذا القطاع والبدء في العمل على "عقد إجتماعي" جديد وأسس حديثة للتوافق بين البشر والروبوتات الذكية وبرامج الذكاء الإصطناعي لأن الآلات ستصبح المنتج لكل ما تحتاجه البشرية للعيش في حياتها اليومية.

ما نوع الذكاء الإصطناعي الذي يمكنه مشابهة البشر؟

إن مفهوم الذكاء الإصطناعي مفهوم عام بالنظر إلى إختصاصاته وأنواعه وتطبيقاته، لكن وبخصوص الذكاء الإصطناعي الذي يقوم بأفعال وأنشطة أسرع بكثير من البشر العاديين، هذا النوع الخاص من الذكاء الإصطناعي لا ينطبق إلا على مهام محددة بإمكانه القيام بها بتلك القدرة العالية وهو ما يطلق عليه عادة "الذكاء الإصطناعي الضيق".

يُشار إلى الآلة التي تتطابق مع الإدراك الإنساني باسم "الذكاء الاصطناعي العام" (AGI) ومع ذلك ينصب التركيز والإهتمام في هذا الخصوص على فحص ما إذا كان الذكاء الإصطناعي العام (AGI) سيساوي الذكاء البشري (أو حتى يتجاوزه) في المستقبل القريب مع الأخذ في الإعتبار التقدم الهائل المحرز في هذا المجال ولكن يجب أيضا معرفة العقبات الهائلة التي لا تزال قائمة.

هل يعتبر الذكاء الإصطناعي العام (AGI) بعيد المنال؟

إن الذكاء الإصطناعي جزء من حياتنا اليوم وبذلك لا يعتبر حلما بعيد المنال، ورغم أن معظم نظم الذكاء الإصطناعي اليوم ضيقة ومحدودة نسبيا (ومع ذلك لا تمثل أنظمة الذكاء الإصطناعي العام (AGI) التي نبحث عنها) فمن الأمثلة على ذلك أن معظم الهواتف الذكية يتم دمجها بسهولة مع شكل من أشكال الذكاء الإصطناعي لمساعدة المستخدمين سواء كانت تلتقط الصور المثالية، أو تفهم مدخلات الكلام، أو غير ذلك.

فالمساعد الذكي "سيري" (Siri) مثلا والخدمات التي يقدمها أو "أليكسا" (Alexa) تعتبر بالتأكيد أنظمة ذكاء إصطناعي ضيقة، حيث أنها تمتلك القدرة على تنفيذ المهام على أساس الأوامر اللفظية التي يقدمها المستخدم، كما يمكنها تفسير الأوامر الصوتية والقيام بمجموعة من الأشياء الأخرى مثل البحث عن المطاعم القريبة وتشغيل قائمة الأغاني المفضلة لدى المتخدم أو إعطائه توجيهات إلى مكتبه على وجه السرعة.

مثل تلك الأنظمة يمكنها أن تقوم بدور أنظمة الذكاء الإصطناعي العام (AGI) الحقيقية نظريًا، فأي مهمة تقوم بها قد يعقبها تعلم مهمة أو مهام أخرى، وبالتالي فيمكن أن يتعلم الذكاء الإصطناعي الفردي ويتدرب على مجالات جديدة تختلف عن البيانات التي تم تدريبها عليها مسبقا.

هل يصل الذكاء الإصطناعي العام (AGI) يوما إلى التساوي مع القدرة البشرية؟

الجواب على المدى القصير هو لا!
فعلى الرغم من أنه حققت تقدماً هائلاً، إلا أن الذكاء الإصطناعي لا يزال يفتقر إلى حد كبير إلى المرونة والإبداع الذي نمتلكه كنوع.

وعلى الرغم من أن بعض علماء الكمبيوتر والمستقبليين يزعمون أن الذكاء الإصطناعي يمكنه أن يتفوق على الذكاء البشري، إلا أنه ببساطة لا يستطيع ذلك، لا تزال العلوم الطبية تكافح من أجل فهم الدماغ بالكامل بصرف النظر عن بلايين الخلايا العصبية المنخرطة في الحديث المتبادل!.

الطريقة التي ينظر بها الدماغ إلى المعلومات ويتذكرها ويعالجها بها هي أمر يصارع العلماء معه اليوم لفهمه، فكيف يمكننا، والحال أننا بالكاد نعرف ما هو الذكاء البشري لدى البشر، أن نعرف المدى الذي يستطيع الذكاء الإصطناعي بلوغه وإمكانية مجاراته أو تساويه مع الذكاء البشري ناهيك عن مجاوزته.

هناك أيضًا غموض حول السر المتمثل في "الوعي" والذي حيّر الفلاسفة سابقا وهو الآن يعتبر لغزا محيرا لعلماء الأعصاب لقرون.

عموما فإننا إذا شرعنا في إنشاء آلات تفكر فإن الشيء الأساسي هو تركيز فهمنا لأنفسنا وإكتشاف ما يشكله الوعي حقًا، هل هذا الوعي هو مجرد نتيجة ثانوية للسيالة العصبية بين الخلايا العصبية في مناطق مختلفة من الدماغ أم أنه ببساطة شيء آخر؟!.

وعليه، فقبل أن نحصل على الذكاء الإصطناعي العام (AGI) من منظور تكنولوجي، هناك مجموعة كاملة من الأسئلة التي نحتاج إلى الإجابة عليها والتي تخص جانبا فيزيولوجيا وبيولوجيا وحتى فلسفيا.



وسم: ذكاء إصطناعي وبيانات

إقرأ أيضا:
أحدث أقدم