تقنية التعرف على الوجه، كيف تراقب الصين مواطنيها عبر كاميرات الشوارع؟

مراقبة صارمة للمواطنين عبر كاميرات موزعة في شوارع بيكين - الصين

في جمهورية الصين الشعبية ذات العدد المهول من السكان والبالغ 1400 مليون نسمة تقوم الحكومة بمراقبة المواطنين في الشوارع والمناطق الحدودية خاصة في المنطقة الفاصلة بين مقاطعة "شنتشن" (Shenzhen) و"هونغ كونغ" (Hong Kong) حيث تتوزع كاميرات المراقبة بشكل كامل لتغطي جميع المارة والمسافرين ومن ثم يتم مسح وجوه المسافرين ومقارنتها بقاعدة بيانات تحتوي على صور لجميع الأشخاص الذين عبروا بالفعل تلك الحدود.

حيث قام موقع Les Echos الفرنسي بكتابة تقرير إستقصائي عن المراقبة الحكومية للمسافرين وعلى الحدود وفي الطرقات الرئيسية في الصين بالإعتماد على الكاميرات المنتشرة في كل مكان وإستنادا إلى تقنية التعرف على الوجه التي تعمل بالذكاء الإصطناعي وهو ما يجعل التعرف على شخص ما من خلال صورة وجهه ومقارنتها بقاعدة البيانات لهذا النظام لا تستغرق سوى بضع ثوانٍ فقط.

ما الهدف من هذه المراقبة عبر تقنية التعرف على الوجه؟

يهدف نظام التعرف على الوجه للتعرف على التجار الصغار الذين يمرون عبر الجمارك مع السلع المعفاة من الرسوم الجمركية والتي تم شراؤها من هونغ كونغ من أجل بيعها في الصين لكسب هامش من الأرباح، لكنه يتخطى ذلك ليستعمل في حالات التعرف على المجرمين الفارين والمطلوبين للعدالة أو حتى من تبحث عنهم الشرطة لشبهات أو دواع أمنية.

نجح نظام التعرف على الوجه في تحديد هوية الكثيرين ممن يعبرون الحدود في "شنغهاي" (Shanghai) وغيرها، حيث يقارن الصور الملتقطة عبر كاميرات المراقبة في الشوارع والمعابر الحدودية بصور ومعطيات عن الأشخاص المطلوبين من قبل الشرطة مخزنة في قاعدة للبيانات تعمل بالذكاء الإصطناعي.

كيف يعمل نظام التعرف على الوجه؟

يعمل نظام التعرف على الوجه بخوارزميات مطورة تقوم بمقارنة الصور التي تصل لبرنامج الذكاء الإصطناعي للتعرف على الوجه والملتقطة عبر كاميرات المراقبة في الشوارع والتجمعات والساحات العامة والمعابر الحدودية مع صور مسجلة مسبقا في قاعدة للبيانات في النظام و مقارنتها بجملة من البيانات الخاصة بالأشخاص المطلوبين كالإسم الكامل والصفات الجسدية وحتى رقم بطاقة الهوية خاصته.

بفضل الذكاء الإصطناعي ينجح النظام في تحديد الشخص المطلوب للعدالة من بين المارة خلال ثوانٍ قليلة، وعلى إثر ذلك يرسل إنذارا للشرطة بضرورة القبض عليه إضافة إلى يتم نشر صورته على شاشة عملاقة في المكان، حيث تكون تلك المرافق من شوارع رئيسية ومنافذ حدودية مجهزة بشاشات عملاقة.

ما مدى إعتماد الصين على تكنولوجيا التعرف على الوجه؟

تعتبر الصين من أكثر دول العالم إستخداما لتكنولوجيا التعرف على الوجه، حيث أصبح التعرف على الوجه جزءًا من الحياة اليومية فيها حيث يقول "تشونغ تشن شان" (Zhong Zhenshan) نائب رئيس أبحاث التكنولوجيا الناشئة في شركة IDC الاستشارية (International Data Corporationأن الصين هي الأولى في العالم من حيث تطوير التطبيقات وحجم نشرها.

تستوعب البلاد 29% من أجهزة التعرف على الوجه المنتجة في جميع أنحاء العالم و هي حصة من المتوقع أن تزيد إلى 45% بحلول عام 2023.

تستعين الشركات الصينية المصنعة لمثل هذه البرامج بالدعم الحكومي إضافة إلى التسهيلات المقدمة في هذا المجال من قبل الحكومة الصينية التي تعتبر أكبر عميل لتلك الشركات والتي تمثل 40% من إيراداتها، كما أنه سمح لها بإستخدام قاعدة البيانات الوطنية في الصين والتي تحتوي على الصور ووثائق الهوية لحوالي 1.4 مليار مواطن صيني يضاف إلى ذلك الصور التي إلتقطتها 176 مليون كاميرا مراقبة مثبتة في كامل أنحاء البلاد وهو أعلى رقم في العالم!.

ويعتبر المجال الذي نجحت فيه هذه التكنولوجيا بشكل موسع هو المجال الأمني، حيث كان من الضروري لعناصر الشرطة في السابق أن يفحصوا كل الصور التي صورتها كاميرات المراقبة أما عبر هذه التقنية فيكفي اليوم تقديمها إلى خوارزمية تقارنها بقاعدة بيانات تحتوي على ملفات تعريف الأشخاص المطلوبين من قبل الشرطة.

ماهي الإستخدامات الأخرى لتقنية التعرف على الوجه في الصين؟

لا شك أن لتقنية التعرف على الوجه إستخدامات أخرى غير التعرف على المطلوبين للعدالة، حيث ستكون الخطوة التالية هي تطوير خوارزميات لا يمكنها فقط تحديد الأفراد المطلوبين ولكنها ستكون قادرة أيضًا على التعرف إلى السلوك المشبوه أو الإجرامي للأشخاص.

وفي كل الأحوال، فإن الأمر لا يتعلق دائمًا بطرد أو ردع المجرمين أو الجانحين فهذه الأدوات يمكن أن تساعد أيضا في مساعدة الضعفاء كما هو الشأن في محافظة  "شنغهاي" (Shanghai) حيث تريد الشرطة إستخدام تقنية التعرف على الوجه لتحديد مكان المسنين أو المصابين بأمراض عقلية مثل مرض "ألزهايمر" في المدينة والذين يكونون غير قادرين على العثور على طريق عودتهم إلى المنزل مثلا.

تستخدم هذه التقنية أيضا في قرية تقع في "لي خنان" (Le Henan) للتعرف على الأطفال الذين يقتربون جدًا من البحيرة حيث يتم إستدعائهم بواسطة مكبر للصوت ويتلقى أولياء أمورهم رسالة نصية لتحذيرهم من أن أبناءهم في خطر.

عموما، فإن الصين تعتمد على هذه التكنولوجيا بشكل موسع جدا وتستخدمها في المراقبة الأمنية ومنع الأعمال الإجرامية وتوقيف المطلوبين للعدالة وغيرها، لكنها أيضا تسعى إلى الترويج لهذه التكنولوجيا التي تعتبرها واحدة من الإبتكارات الرئيسية التي ستمكنها من تقليل إعتمادها على الولايات المتحدة الأمريكية.


وسم: ذكاء إصطناعي وبيانات
إقرأ أيضا:
بياناتك على الإنترنت، تعرف على خفايا لعبة البيانات!
شركة OpenAI تنتج ذكاء إصطناعيا قادرًا على الكتابة والفهم مثل البشر!
عبر الحوسبة السحابية.. يمكنك رفع نسخة إلكترونية من مفتاح منزلك!
كل ما تريد معرفته عن الثورة الصناعية الرابعة


مستقبل المعرفة©
أحدث أقدم